لعل الأفكار التي أعبر عنها هنا هي ما دفعني لأبدأ في كتابة مدونة، فكلما واجهنا سؤال ما بعد ثورتنا، رأيت الكثير يتسابق حتى يكون صاحب أكبر قفزة للماضي.  فهناك من يريد القفز عشرة سنين، فجاء من يقفز عليه إثنان و أربعون عاما، فلما فاجئهم من قفز خمسون عاما، صرح آخرون بأنهم يودون القفز ستون عاما و يزيدون.  و يستمر مسلسل القفز عند كل عثرة أو عند كل إشارة استفهام،  فأصبحت جل أجوبتنا هي في بطون التاريخ و ليس  في مدارك العقل. أصبح القياس على الماضي هو البرهان الوحيد و الذي تسقط أمامه  كافة استدلالات العقل الذي يحاول الاستيقاظ.

  أردنا دولة عصرية متقدمة، فلم يجد البعض إلا كتب التاريخ و مقتنيات المتاحف لبناء هذه الدولة العصرية. فمن دستور ملكي دكتاتوري، نعم دكتاتوري، لصناعة دولة الحلم الديموقراطية، حتى نصل لمعارك خالد بن الوليد،رضي الله عنه و أرضاه، حتى نعلم كيف نتعامل مع أسرانا و خصماء الأمس القريب.

  لم يعد  لدينا القدرة على  طرح المسألة و دراستها من كل جوانبها  و الولوج لذات السؤال حتى نصل للجواب، كل ما استطاعه بعضنا هو التعلق بظروف المسألة و الإتيان بحدث يشترك معها في ظرف لكي يكون هو الجواب الغير شافي.

 هل نستغني عن كتب علوم الاقتصاد و السياسة و التشريع و القانون و الاجتماع  و علماءها و مفكري و فلاسفة عصرنا و نبحث في كتب التاريخ عما فعل أجدادنا المقدسون؟

هل أصبح كل هم عقلائنا هو البحث عما فعله عقلاء الأمس؟ هل يستحقون وصف العقلاء إذا كان هذا مبلغ جهدهم؟

هل سنقوم بمحاولة استفهام الحاضر و استجلاء تفاصيله  حتى نتعرف على العلاج الناجع الآن؟ أم هل سيكون ذلك في الحاضر الذي سيأتي بعد ستون عاما؟