كثر الهرج و الكلام عن الدولة و ادلي الكل بدلوه في حكاية المركزية و اللامركزية و الفدرالية و الكونفدرالية. و اختلط الحابل بالنابل، ظن البعض ان هذا او ذاك هو الحل النهائي لكل ما طرأ علي بلدنا المغلوبة من تهالك في البنية التحتية و تأخر في ركب الحضارة، و رمى الكل بما طابت له نفسه علي الحكومة المركزية، اصبحت اللامركزية او الفدرالية هي وجود اجسام تتنازع السلطة مع رئاسة البلاد و برلمانه، و اصبحت الديموقراطية ان تتنازع المدن و القبائل السلطة مع الحكومة و رأينا هذه الحكومة تتوسل و تترجي هذه المدينة او تلك ان ترجع لبيت الطاعة. و في خضم هذه الفوضى، اصبح كل من لم يحصل علي مبتغاه من الحكومة، اكان حقا او باطلا ما يطلبه، يلقي بعواهن الكلام علي اهل طرابلس الكرام. و اصبح اتهام طرابلس بهذا و ذاك الاتهام ان لم يتحركوا من اجل مصالح هذه الجهة او تلك. هل اصبح اهل طرابلس هم حاشية الحكومة و بطانتها؟ ام هل هم عائلة الباشا و هو لا يدرون!!!!
الحكومة المركزية يا سادة ليست بالداء،لكن هي الدواء، الحكومة المركزية هي سر تكون الدولة و هي ما ينقلنا من الغابة الى الحضارة. تكون الحكومة المركزية هو سر البشرية و هو ما يجعل من المجتمع وحدة واحدة في وجه الغير.
الحكومة المركزية هي ما ينشر العدل و الامان، و هي ما ينشر الانضباط و ينفذ القانون، وجود الحكومة المركزية و قدرتها علي اداء واجباتها هو ما يفصل الدولة عن الفشل. وجود ادارة محلية “ ادارة لا مركزية” لا يعني انه لهذه الادارة حق منازعة السلطة من الحكومة المركزية مطلقا، و الا اصبحنا مثل قبائل الجزيرة العربية في الجاهلية، او ادغال افريقيا لزمن قريب، ام من الزمن الحاضر، لااصبحنا صومال يعوم علي نفط كثير، الادارة المحلية هي ادارة شؤون المواطنين في تلك المنطقة و خدمة مصالحهم الآنية في ذالك المكان، و ليس التحول الي كيان سياسي يتعامل بندية مع السلطة المركزية، الادارة المحلية لا تعني ان تكون هناك دولة الزنتان و ككلة و مصراتة و اجدابيا و شحات و التي تتعارك مع دولة ليبيا، بل تعني ان هذه الادارات تتعامل مع مشاكل المواطنين في اماكن سكنهم ليس الا.
يتحرج الكثيرين من وصف الثورة بالحرب الاهلية، و لكن لا يرون ان ما يدور الآن هو دعكة اهلية و قبلية بامتياز، و يرى العديد اننا بتكوين بعض الجمعيات الاهلية و المنظمات الغير حكومية اصبح عندنا مجتمع مدني، كلا و الف كلا، المجتمع المدني هو حالة كل المجتمع و ليس وجود منظمات و اتحادات وغيرها، و لا يكون هذا في وجود اتجاهات قبلية و جهوية و مناطقية.
أرى في الموضوع طرحا جديدا، لقد اخترت أن تتحدى المتفق عليه، فالجميع يرى أن المركزية هي الشر الذي هو سبب مصائبنا وبالتحرر منها سنصل الى الفردوس الموعود. ويقفز الجميع لوضع الحلول قبل أن التأكد من المشكل.
تناولك هذا جعلني اتساءل هل نتحدث عن نفس الشئ عندما نناقش امرا ما؟ (اتحدث بصفة عامة) أعتقد أن ما ينقصنا هو تعريف المصطلحات التي نتحدث عنها ونناقشها قبل أن نبدأ النقاش حتى يفهم أحدنا الأخر.
ماهي المركزية ؟ وماذا نقصد باللامركزية ؟ هل هما نقيضان أم متممان لبعضها البعض؟ ماذا عن الفيدرالية؟ هل نحن مدركون للعيوب والمزايا وهل نحن مستعدون للتعامل معها؟
بالتوفيق
شكرا يا سيدة هند على تعليقك.
أتفق معك من ناحية المبدأ حيث أننا قفزنا لوضع حل قبل ان نتعمق في دراسة اسباب المشكلة، و التي أرها تتعلق بالفساد و المحسوبية و عدم الكفاءة أساسا قبل أن تكون مسألة طريقة إدارة.
ففي الحقيقة لقد كان لدينا نظام لامركزي في وقت القذافي لزمن قريب، زمن الشعبيات و التي كانت تأتيها ميزانيات خاصة و تضيع مع الفساد.
سؤالك عما تعنيه المركزية و اللامركزية في محله، فلا أرى أنهم ضدان بالضرورة، حيث لا يمكن من وجود اللامركزية في حال عدم وجود سلطة مركزية قوية، و لعل أبلغ مثال هو حالنا الآن، حيث أن السلطات المحلية لا تستطيع فعل شئ بسبب ضعف السلطة المركزية أساسا.
لعلنا سنصبح في حال أفضل إذا أجاد شعبنا فن التمعن في الأمور ”
والتعمق في دراستها قبل أن يطرح “الحلول” شكرا على الحوار.
حسام الدين